للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما درج عليه السلف الصالح، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ومن سلك سبيلهم.

والعامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بالأنبياء والصالحين، كقول أحدهم: أتوسل إليك بنبيك، أو بأنبيائك، أو بملائكتك، أو بالصالحين من عبادك، أو بحق الشيخ فلان، أو بحرمته، أو أتوسل إليك باللوح والقلم، أو بالكعبة وغير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم، يعلمون أنهم لا يستغيثون بهذه الأمور، ولا يسألونها وينادونها، فإن المستغيث بالشيء، طالب منه، سائل له، والمتوسل به لا يدعو، ولا يطلب منه ولا يسأل، وإنما يطلب به.

وكل أحد يفرق بين المدعو به، وبين المدعو المستغاث; والاستغاثة هي طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، كالاستنصار طلب النصر، والاستعانة طلب العون، والمخلوق إنما يطلب منه من هذه الأمور، ما يقدر عليه منها، كما قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} ١، وكما قال: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} ٢.

وأما ما لا يقدر عليه إلا الله، فلا يطلب إلا من الله، كما قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} ٣، حتى إن المشركين عبدة الأوثان، يخلصون الدعاء لله، والاستغاثة به في الشدة، وينسون ما يشركون، لعلمهم أنه


١ سورة الأنفال آية: ٧٢.
٢ سورة القصص آية: ١٥.
٣ سورة النمل آية: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>