للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة، فجوزه لذلك، والله أعلم.

وأما الجواب عن الحديثين المذكورين، فمن وجوه: أحدها: أن يقال قد أجاب عنها غير واحد من العلماء، على تقدير صحتها، بأن المعنى بحق السائلين عليك، أي: الحق الذي أوجبه الله على نفسه للسائلين، وهو الإجابة.

ولا ريب أن الله جعل على نفسه حقا لعباده المؤمنين، كما قال تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ١، وكما قال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ٢. وفي حديث معاذ في الصحيحين: " أتدري ما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم " ٣ الحديث؛ فهذا حق وجب بكلماته التامة، ووعده الصادق.

وقد اتفق العلماء على وجوب ما يجب، بوعده الصادق، وتنازعوا: هل يوجب بنفسه على نفسه؟ ومن جوز ذلك احتج بقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ٤ وبقوله في الحديث "إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما " ٥ وأما الإيجاب عليه، والتحريم، بالقياس على خلقه،


١ سورة الروم آية: ٤٧.
٢ سورة الأنعام آية: ٥٤.
٣ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٥٦) واللباس (٥٩٦٧) والاستئذان (٦٢٦٧) والرقاق (٦٥٠٠) والتوحيد (٧٣٧٣) , ومسلم: الإيمان (٣٠) , والترمذي: الإيمان (٢٦٤٣) , وابن ماجه: الزهد (٤٢٩٦) , وأحمد (٥/٢٢٨ ,٥/٢٣٠ ,٥/٢٣٤ ,٥/٢٣٦ ,٥/٢٣٨ ,٥/٢٤٢) .
٤ سورة الأنعام آية: ٥٤.
٥ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٧٧) , وأحمد (٥/١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>