للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة: فحديث أبي هريرة حجة عليكم لا لكم، ولو لم يكن فيه إلا قوله: "بحقها" لكان كافيا في بطلان شبهتكم؛ فإن الصلاة والزكاة من أعظم حقوق لا إله إلا الله، بل هما أعظمها على الإطلاق.

ومما يدل على بطلان قولكم، وفساد فهمكم في معنى الحديث، أعني حديث أبي هريرة: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " ١،أن جميع الشراح والمحدثين لم يتأولوه على هذا التأويل الذي ذهبتم إليه.

فإنه حديث صحيح مخرج في الصحاح، وهؤلاء شراح البخاري، ومحشّوه نحوا من أربعين، كما نبه عليه القسطلاني في خطبة شرح البخاري، وكذا شرح مسلم، هل أحد منهم استدل به، على ترك قتال من ترك الفرائض؟ بل الذي ذكروه خلاف ما ذهبتم إليه; ولو لم يكن إلا احتجاج عمر به على أبي بكر، واستدلال أبي بكر على قتال مانعي الزكاة، لكان كافيا؛ ونحن نذكر كلامهم عذرا أو نذرا.

قال النووي، رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها، وحسابه على الله عز وجل " ٢.قال الخطابي: ومعلوم أن المراد بهذا أهل الأوثان، دون أهل الكتاب، لأنهم يقولون لا إله إلا الله،


١ الترمذي: تفسير القرآن (٣٣٤١) , وأحمد (٣/٢٩٥ ,٣/٣٠٠ ,٣/٣٣٢ ,٣/٣٩٤) .
٢ البخاري: استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٢٤) , ومسلم: الإيمان (٢٠) , والترمذي: الإيمان (٢٦٠٧) , والنسائي: الزكاة (٢٤٤٣) والجهاد (٣٠٩١ ,٣٠٩٢ ,٣٠٩٣ ,٣٠٩٤) وتحريم الدم (٣٩٦٩ ,٣٩٧٠ ,٣٩٧١ ,٣٩٧٣ ,٣٩٧٥) , وأبو داود: الزكاة (١٥٥٦) , وأحمد (١/١١ ,١/١٩ ,١/٣٥ ,١/٤٧ ,٢/٤٢٣ ,٢/٥٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>