للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل نقول: من كان من أهل الجاهلية، عاملا بالإسلام، تاركا للشرك، فهو مسلم، وأما من كان يعبد الأوثان، ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين، فهذا ظاهره الكفر، وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية، لجهله وعدم من ينبهه، لأنا نحكم على الظاهر، وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله، والله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ١.

وأما من مات منهم مجهول الحال، فهذا لا نتعرض له، ولا نحكم بكفره ولا بإسلامه، وليس ذلك مما كلفنا به، {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٢.فمن كان منهم مسلما أدخله الله الجنة، ومن كان كافرا أدخله الله النار، ومن كان منهم لم تبلغه الدعوة، فأمره إلى الله؛ وقد علمت الخلاف في أهل الفترات، ومن لم تبلغهم الحجة الرسالية.

وأيضا: فإنه لا يمكن أن نحكم في كفار زماننا، بما حكم به الفقهاء في المرتد: أنه لا يرث ولا يورث، لأن من قال لا يرث ولا يورث، يجعل ماله فيئا لبيت مال المسلمين؛ وطرد هذا القول، أن يقال: جميع أملاك الكفار اليوم بيت مال، لأنهم ورثوها عن أهليهم، وأهلوهم مرتدون لا يورثون، وكذلك الورثة مرتدون لا يرثون، لأن


١ سورة الإسراء آية: ١٥.
٢ سورة البقرة آية: ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>