للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنفى العدوى والطيرة، وأخبر أن الفأل يعجبه، وأنه الكلمة الطيبة; فدل على أنه ليس من الطيرة المذمومة، لأنه حسن ظن، ورجاء خير، وأما الطيرة فهى سوء ظن بالله، وتوقع للبلاء.

ولما ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خيرها الفأل، ولا ترد مسلما " ١. قال ابن القيم رحمه الله: أخبر أن الفأل من الطيرة، وهو خيرها، فأبطل الطيرة وأخبر أن الفأل منها، ولكنه خيرها، ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهما من الامتياز والتضاد، ونفع أحدهما ومضرة الآخر؛ ونظير هذا منعه من الرقى بالشرك، وإذنه في الرقية إذا لم يكن فيها شرك، لما فيها من المنفعة الخالية من المفسدة، انتهى.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " خيرها الفأل " ٢ مع أن الطيرة كلها لا خير فيها، فقال صاحب الفتح: إن أفعل التفضيل في ذلك إنما هو بين القدر المشترك بين شيئين، والقدر المشترك بين الطيرة والفأل: تأثير كل منهما فيما هو فيه، والفأل في ذلك أبلغ، انتهى.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك "، وهذا صريح في تحريمها، وأنها من الشرك، لما فيها من تعلق القلب على غير الله تعالى، باعتقاد أنها تجلب نفعا أو تدفع ضرا، إذا عمل الإنسان بموجبها، مع أن الأمر


١ أبو داود: الطب (٣٩١٩) .
٢ أبو داود: الطب (٣٩١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>