للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممادح أهل العلم: أنهم يخطئون ولا يكفرون; فإذا فهمت هذا، وتحققت أن المشايخ لا يكفرون بما دون الكفر من الذنوب والمعاصي، تبين لك أن هذه الأمور، التي زعموا أن المشايخ ما منعوهم من فعلها، إلا أنهم مكفرون لهم بها، كان من المعلوم: أنهم هم الذين يكفرون بها، لاعتقادهم أنها كفر.

والمشايخ: يبرؤون إلى الله من هذا المعتقد، لأن هذا هو حقيقة مذهب الخوارج الذين يكفرون بما دون الكفر من الذنوب؛ وإذا كان هذا هو معتقدهم، وكان هذا القول، الذي بهتوا به المشايخ، ثابتا عنهم، فلا تسأل عنهم وعن معتقدهم، هذا عين ما نطقوا به، وأظهروه علانية، وهذا هو الذي خاف الإمام والمشايخ بمنعهم، أن يتجارى بهم هذا الأمر، ويبثوه في عوام البدو، الذين ليس عندهم من المعرفة والعلم إلا ما ألقاه هؤلاء إليهم، فيصادف قلوبا خالية من غيره، فيصعب إخراجه من قلوبهم، كما قيل:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا

وهذا قد وقع في كثير من البدو، لا يقبلون إلا ما قاله هؤلاء لهم; والعاقل يسير وينظر، والظاهر أنهم في رميهم وبهتانهم المشايخ بأنهم مكفرون لهم، مبرئون أنفسهم مما هو معلوم بالضرورة، بأن تلك هي حالتهم وسيرتهم، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>