وأما الشفاعة التي نفاها القرآن، كما عليه المشركون والنصارى ومن ضاهاهم من هذه الأمة، فينفيها أهل العلم والإيمان؛ مثل أنهم يطلبون من الأنبياء والصالحين، الغائبين والميتين قضاء حوائجهم، ويقولون: إنهم إذا أرادوا ذلك قضوها; ويقولون: إنهم عند الله كخواص الملوك عند الملوك، يشفعون بغير إذن الملوك، ولهم على الملوك إدلال يقضون به حوائجهم؛ فيجعلونهم لله بمنْزلة شركاء الملك؛ والله سبحانه قد نزه نفسه عن ذلك، انتهى.
[أنواع الشرك]
وقال ابن القيم رحمة الله تعالى: وأما الشرك فنوعان: أصغر وأكبر; فالأكبر: الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله، وهو الشرك الذي يتضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين.
ولهذا قالوا لآلهتهم في النار:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ?إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الشعراء آية: ٩٧-٩٨] مع إقرارهم بأن الله هو الخالق وحده، خالق كل شيء ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تحيي ولا تميت؛ وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة، كما هو حال أكثر مشركي العالم يحبون معبوداتهم، ويعظمونها ويوالونها من دون الله.
وكثير منهم بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله