وحده، ويغضبون إذا انتقص أحد معبوداتهم وآلهتهم من المشائخ، أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين; وإذا انتقصت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوديهم، غضبوا غضب الليث إذا حرب، وإذا انتهكت حرمات الله لم يغضبوا لها.
بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه، ولم تنكره قلوبهم، وقد شاهدنا هذا منهم نحن وغيرنا، ونرى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله، على لسانه إن قام وإن قعد، وإن عثر وإن مرض؛ فذكر إلهه ومعبوده من دون الله، هو الغالب على لسانه وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده، ووسيلته إليه؛ وهكذا كان عباد الأصنام سواء.
وهذا القدر، هو الذي قام بقلوبهم، يتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم، فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذوها من البشر، قال تعالى حاكيا عن أسلاف هؤلاء المشركين:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[سورة الزمر آية: ٣] ، ثم شهد عليهم بالكذب والكفر وأخبر أنه لا يهديهم، فقال:{إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[سورة الزمر آية: ٣] فهذا حال من اتخذ من دون الله وليا، يزعم أنه يقربه إلى الله، وما أعز من يتخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره!