للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عين الشرك؛ وقد أنكره الله عليهم في كتابه وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له، وأنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لمن رضي قوله وعمله، وهم أهل التوحيد، الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء، ثم ساق كلاما طويلا وقرره أحسن تقرير.

فتأمل كلامه هذا، حيث قرر أن الذي يفعله مشركو زمانه، هو عين الشرك الذي فعله المشركون الأولون، ثم قال: وما أعز من يتخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره! ففي هذا شاهد لصحة الحديث الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " ١ وقوله: فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتمو. قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ " ٢ أخرجاه في الصحيحين.

[قول ابن تيمية لما تكلم عن حديث الخوارج]

وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، في رسالته "السنية" لما تكلم عن حديث الخوارج: فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ممن انتسب إلى الإسلام، من قد مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام في هذا الزمان، قد يمرق أيضا، وذلك بأمور; منها: الغلو الذي ذمه الله كالغلو في المشائخ، كالشيخ عدي، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح.


١ مسلم: الإيمان (١٤٥) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦) , وأحمد (٢/٣٨٩) .
٢ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>