للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدعاء: فهو محبوب مشروع لله، بل سماه الله في كتابه الدين، وأمر بإخلاصه له; وسماه رسوله صلى الله عليه وسلم العبادة، ومخ العبادة، فكيف يقال: هو الحلف؟ فمن صرف الدعاء لغير الله، فقد أشرك في الدين، الذي أمر الله بإخلاصه، وفي العبادة التي أمر الله بها.

وأيضا: فإن الداعي راغب راهب، فالعبد يدعو ربه رغبا ورهبا، ويتوكل عليه في حصول مطلوبه، ودفع مرهوبه; فإذا طلب فوائده، وكشف شدائده من غير الله، فقد أشرك مع الله في الرغبة والرهبة، والرجاء والتوكل، فإن هذا من لوازم الدعاء، وهو من العبادة التي أمر الله بها، كقوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سورة الشرح آية: ٨] ، وقوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة النحل آية: ٥١] ، وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة آية: ٢٣] .

فمن استغاث بغير الله، فهو راغب في حصول مطلوبه، راج له متوكل عليه، وذلك هو حقيقة العبادة التي لا تصلح إلا لله، وهو معنى لا إله إلا الله; فإن الإله هو الذي تألهه القلوب، محبة ورجاء وخوفا وتوكلا.

ويقال أيضا: الذي يدعو غير الله في مهماته، وكشف كرباته، قد رد على الله وكذب بآياته؛ فإن الله أخبر أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، وأن الشفاعة كلها لله، وهذا زعم: أن الميت يشفع له. وأخبر الله أن الأولياء والصالحين لا يملكون

<<  <  ج: ص:  >  >>