للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه قال: لما ذكر قول المجيب - إنه لا يجتمع الإيمان بالآيات المحكمات وتلك الأبيات، لما بينهما من التنافي والتضاد، قال المعترض: أقول: يحتمعان، بأن يفرد الله بالعبادة، ولا يقدح فيه تشفعه بأحباب حبه إليه. وكيف يحكم عليه بالضلال، بمجرد طلبه الشفاعة ممن هو أهل لها؟ كما في الحديث "أنا لها، أنا لها" ومعلوم: أن الضلال ضد الحق.

فالجواب: لا يخفى ما في كلامه من التخليط والتلبيس، والعصبية المشوبة بالجهل المركب؛ لا يدري ولا يدري أنه لا يدري. وقد بينا فيما تقدم أن دعوة غير الله ضلال، وأن اتخاذ الشفعاء الذين أنكر الله تعالى، إنما هو بدعائهم والالتجاء إليهم، والرغبة إليهم فيما أراده الراغب منهم، من الشفاعة التي لا يقدر عليها إلا الله؛ وذلك ينافي الإسلام والإيمان بلا ريب.

فإن طلبها من الأموات والغائبين، طلب لما لا يقدر عليه إلا الله، وهو خلاف لما أمر الله تعالى به، وارتكاب لما نهى عنه، كما تقدم بيانه في معنى قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: ١٨] الآية، وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [سورة الإسراء آية: ٥٦] الآية، وقوله:

{مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>