المكان بكونه روضة من رياض الجنة، لما يقوم بقلب العبد من المثال والشاهد الذي يقوي سلطانه هناك، وتظهر ثمرته، ويجد المؤمن من لذته، وروحه، حتى كأنه رأي عين; وفي هذا القدر كفاية، والله الموفق; ولا تذخر عمارة مجلسك، بذكر الله، والدعوة إليه، ونشر العلم، الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب، والحكمة، والله أعلم، وصلى الله على محمد.
(الفرق بين القدر والقضاء)
وسئل رحمه الله عن الفرق، بين القدر، والقضاء؟
فأجاب: القدر في الأصل، مصدر قدر; ثم استعمل في التقدير، الذي هو: التفصيل والتبيين; واستعمل أيضا بعد الغلبة في تقدير الله للكائنات قبل حدوثها; وأما القضاء: فقد استعمل في الحكم الكوني بجريان الأقدار، وما كتب في الكتب الأولى; وقد يطلق هذا على القدر الذي هو: التفصيل والتمييز.
ويطلق القدر أيضا على القضاء، الذي هو الحكم الكوني، بوقوع المقدرات; ويطلق القضاء، على الحكم الديني الشرعي; قال الله تعالى:{ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ}[سورة النساء آية: ٦٥] ، ويطلق القضاء على الفراغ، والتمام، كقوله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ}[سورة الجمعة آية: ١٠] ، ويطلق على نفس الفعل، قال تعالى:{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}[سورة طه آية: ٧٢] ، ويطلق على الإعلام، والتقدم بالخبر، قال تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ}