للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت "محمد علي" العزة والأنفة، فسار إلى "بسل". الظاهر أنه كان حريصا على الصلح، فاستعجل فيصل بمن معه، فساروا إليه في بسل، وقد استعد لحربهم خوفا مما جرى منهم، فأقبلوا وهم في منازلهم، فسارت عليهم العساكر والخيول فولوا مدبرين؛ لكن الله أعز المسلمين فحبس عنهم تلك الدول، والخيول، حتى وقفوا على التلول، فسلم أكثر المسلمين من شرهم، واستشهد منهم القليل.

[رجوع محمد علي إلى مصر ونزول طوسون الحناكية]

ولا بد في القتال من أن ينال المسلم أو ينال منه; قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران آية: ١٤٠] الآيات، وقال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [سورة آل عمران آية: ١٤٦] إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [سورة آل عمران آية: ١٤٦] الآيات.

وقد قال هرقل لأبي سفيان: فما الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال، ينال منا وننال منه; فهذه سنة الله في العباد، زيادة للمؤمنين في الثواب، وتغليظا على الكافرين في العقاب.

وأما عبد الله فرجع بمن معه، فلم يلق كيدا دون المدينة، فتفكروا في حماية الله لهذه الطائفة، مع كثرة من عاداهم، وناوأهم، ومع كثرة من أعان عليهم، ممن ارتاب في هذا الدين، وكرهه، وقبل الباطل وأحبه، فما أكثر هؤلاء لا كثرهم الله، لكن الله قهرهم بالإسلام، ففي هذا المقام عبرة، وهو: أن الله أعزهم وحفظهم من شر من عاداهم، فلله الحمد والمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>