للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبعهم المسلمون، ونزلوا الحجناوي فقدم العطاس على الأمر الذي عمد عليه محمد علي فوجد الحال قد تغيرت، فصدهم ابتداء، فامتنعوا مما جاء له؛ ثم إنهم سعوا في الصلح، والمسلمون على الحجناوي وكل يوم يجرى بين الخيل طراد، فمل أكثر المسلمين من الإقامة، فلم يبق منهم إلا شرذمة قليلة.

فجاء منهم أناس يطلبون الصلح، فأصلحهم عبد الله رحمه الله، وطلبوا منه أن يبعث معهم رجلا من أهل بيته، خوفا أن يعرض لهم أحد من المسلمين في طريقهم، فسار معهم محمد بن حسن بن مشاري إلى المدينة.

والمقصود: أن الله سبحانه أذلهم، وألقى الرعب في قلوبهم، وحفظ المسلمين من شرهم؛ بل غنمهم مما بأيديهم، من حيث بذلهم المال في شراء الهجن فاشتروا من المسلمين الذلول بضعفي ثمنها، وهذا مما يفيد صحة هذا الدين، وأنه الذي يحبه الله ويرضاه، وهو الذي يسر أسباب نصر من تمسك به، وخذلان من ناواهم وعاداهم في هذا الدين.

فتفكر يا من له قلب، ولولا ما صار في أهل هذا الدين، من مخالفة المشروع في بعض الأحوال، لصار النصر أعظم مما جرى، لكن الله سبحانه عفا عن الكثير، وحمى دينه عمن أراد إطفاءه؛ فلله الحمد والمنة لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه خلقه.

فتدبر هذه الوقائع وما فيها من الألطاف العجيبة، والدلالات

<<  <  ج: ص:  >  >>