للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء لا اعتبار به، ولا تزول حقيقة الشيء ولا حكمه بزوال اسمه، وانتقاله في عرف الناس باسم آخر.

ولما علم الشيطان أن النفوس تنفر من تسمية ما يفعله المشركون تألها، أخرجه في قالب آخر تقبله النفوس; وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليشربن أناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها "١، وكذلك من زنى وسمى ما فعله: نكاحا; فتغيير الأسماء، لا يزيل الحقائق; وكذا من ارتكب شيئا من الأمور الشركية، فهو مشرك، وإن سمى ذلك توسلا وتشفعا.

يوضح ذلك: ما ذكر الله في كتابه عن اليهود والنصارى بقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة التوبة آية: ٣١] الآية; وروى الإمام أحمد، والترمذي، وغيرهما: أن عدي بن حاتم، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد تنصر في الجاهلية، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة التوبة آية: ٣١] الآية، قال: يا رسول الله، إنهم لم يعبدوهم، فقال صلى الله عليه وسلم: " بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال، وحللوا لهم الحرام، فذاك عبادتهم إياهم " ٢.

وقال ابن عباس، وحذيفة بن اليمان، في تفسير هذه الآية: " إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا "; فهؤلاء الذين أخبر الله عنهم في هذه الآية، لم يسموا أحبارهم ورهبانهم أربابا ولا آلهة، ولا كانوا يظنون أن فعلهم هذا معهم عبادة


١ النسائي: الأشربة (٥٦٥٨) , وأحمد (٤/٢٣٧) .
٢ الترمذي: تفسير القرآن (٣٠٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>