وأما الشكر: فإنه لا يكون إلا على الإنعام ; فهو أخص من الحمد من هذا الوجه ; لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، ولهذا قال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً}[سورة سبأ آية: ١٣] ، والحمد إنما يكون بالقلب واللسان، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه.
والألف واللام في قوله:{الْحَمْدُ} للاستغراق، أي: جميع أنواع الحمد لله لا لغيره، فأما الذي لا صنع للخلق فيه، مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر، والسماء والأرض، والأرزاق، وغير ذلك فواضح.
وأما ما يحمد عليه المخلوق، مثل ما يثنى به على الصالحين والأنبياء والمرسلين، وعلى من فعل معروفا، خصوصا إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضا، بمعنى أنه خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به ذلك، وحببه إليه وقواه عليه، وغير ذلك من إفضال الله الذي لو يختل بعضها، لم يحمد ذلك المحمود، فصار الحمد كله لله بهذا الاعتبار.
وأما قوله:{لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الفاتحة آية: ٢] فالله عَلَم على ربنا تبارك وتعالى، ومعناه: الإله، أي: المعبود، لقوله:{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}[سورة الأنعام آية: ٣] أي: المعبود في السماوات، والمعبود في الأرض {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}[سورة مريم آية: ٩٣] الآيتين.