قوة سيرهم وسرعتهم على قدر قوة سيرهم وسرعتهم إليه في الدنيا. {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[سورة الفاتحة آية: ٧] المنعم عليهم هم: كل من عرف الحق واتبعه، فهو منعم عليه، ومن لم يعرفه فهو ضال، ومن عرفه وآثر غيره فهو مغضوب عليه.
ولهذا كان النصارى أخص بالضلال لأنهم أمة جهل، واليهود أخص بالغضب لأنهم أمة عناد، ومؤمنو هذه الأمة هم المنعم عليهم. وفي المسند والترمذي من حديث عدي بن حاتم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون " ١ وقال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى.
وأما حقيقة الصراط المستقيم، فقال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولنذكر في الصراط المستقيم قولا وجيزا، فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه، بحسب صفاته ومتعلقاته ; وحقيقته شيء واحد، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا إليه، ولا طريق لهم إليه سواه.
بل الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعباده إليه ; وهو: إفراده بالعبودية، وإفراد رسوله بالطاعة، فلا يشرك به أحدا في عبوديته، ولا يشرك برسوله أحدا في طاعته.