للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، فإن أكثر الكبائر القلبية مثل الرياء والكبر والحسد وترك التوكل والإخلاص وغير ذلك، قد يتلطخ بها الرجل وهو لا يشعر، ولعله يتورع عن بعض الصغائر الظاهرة، وهو في غفلة عن هذه العظائم.

ومنها: أن يعرف قدر معصية الحسد، وكيف آل باللعين حسده إلى أن فعل به ما فعل.

ومنها - وهو من أحسنها -: أن يعرف صحة ما ذكر عن بعض السلف: أن من لم يجاهد في سبيل الله، ابتلي بالجهاد في سبيل الشيطان، ومن بخل بإنفاقه المال في طاعة الله، ابتلي بإنفاقه في المعاصي وفيما لا ينفعه، ومن لم يمش في طاعة الله خطوات، مشى في معصية الشيطان أميالا ١ وأشباه ذلك.

والدليل من القصة أبلغ من هذا بكثير، فإن اللعين أبى أن يسجد لزعمه أن ذلك نقص في حقه، ثم صار بعد ذلك يكدح جهده في القيادة والدياثة وأنواع الرذائل. ومنها: أن في القصة معنى قوله صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " ٢ إلى آخره.

ومن ذلك قوله حكاية عن إبليس: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [سورة النساء آية: ١١٩] ، فإنهم ذكروا في معناه، أي: آمرهم بتغيير خلق الله، وهي فطرته التي فطر عباده عليها وهي الإسلام لله وحده لا شريك له.


١ كالحسد والكبر والإباء.
٢ البخاري: الجنائز (١٣٨٥) ، ومسلم: القدر (٢٦٥٨) ، وأحمد (٢/٢٣٣، ٢/٣٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>