للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي خلقكم} . إلى آخر الآيات. [سورة البقرة آية: ٢١ - ٢٤]

والمراد بالحكمة في هذه الآية: الدينية الشرعية; لكن من الناس من وافق هذه الحكمة بإرادته وعلمه وعمله، ومنهم من خرج عنها لعدم قبوله لما أراده الله به، وذلك بقضاء الرب وقدره، لعلمه السابق في خلقه.

لأنه تعالى يعلم ما هم عاملون قبل خلقه لهم، وهو الذي يهدي من يشاء بفضله وإحسانه، ويضل من يشاء بعدله وقدرته ومشيئته; فالأول: فضله. والثاني: عدله; قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [سورة الزخرف آية: ٧٦] .

وقد مكن عباده بأسباب يقتدر بها العبد على طاعة ربه، كما قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [سورة الإسراء آية: ٣٦] وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} [سورة النحل آية: ٣٦] كما قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء آية: ١٦٥] .

ونظير هذه الآية، قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [سورة النساء آية: ٦٤] ، فمنهم من أطاع ومنهم من عصى; فالفضل فضله تعالى، والحجة له بالبيان والفطرة والعقول، والعلم الذي أنزل في كتبه وعلى ألسن رسله، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>