والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأساس الأعظم للدين، والمهم الذي بعث الله لأجلة النبيين، ولو أهمل لأضمحلت الديانة، وفشت الضلالة، وعم الفساد، وهلك العباد; إن في النهي عن المنكر حفاظ الدين، وسياج الآداب والكمالات، فإذا أهمل أو تسوهل فيه، تجرأ الفساق على إظهار الفسوق والفجور، بلا مبالاة ولا خجل.
ومتى صار العامة يرون المنكرات بأعينهم، ويسمعونها بآذانهم، زالت وحشتها وقبحها من نفوسهم؛ ثم يتجرأ الكثيرون، أو الأكثر على ارتكابها، ولكن يا للأسف! استولت على القلوب مداهنة الخلق، وانمحت عنها مراقبة الخالق، حيث اندرس من هذا الباب عمله وعلمه، وانمحى معظمه ورسمه، واسترسل الناس في اتباع الأهواء والشهوات.
ولا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ للشريعة، وحماية لأحكامها، تدل عليه- بعد إجماع الأمة، وإرشاد العقول السليمة إليه- الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، مثل قوله تعالى:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ?يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}[سورة آل عمران آية: ١١٣-١١٤] ، فدلت الآية الكريمة على عدم صلاحهم بمجرد الإيمان