للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [سورة النساء آية: ٦٠] .

فإن قوله عز وجل: {يزعمون} تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان في قلب عبد أصلا، بل أحدهما ينافي الآخر.

والطاغوت: مشتق من الطغيان، وهو: مجاوزة الحد، فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه.

وذلك أنه من حق كل أحد، أن يكون حاكما بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقط، لا بخلافه؛ كما أن من حق كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فمن حكم بخلافه، أو حاكم إلى خلافه، فقد طغى وجاوز حده، حكما، أو تحكيما؛ فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده.

وتأمل قوله عز وجل: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [سورة النساء آية: ٦٠] تعرف منه معاندة القانونيين، وإرادتهم خلاف مراد الله منهم حول هذا الصدد؛ فالمراد منهم شرعا، والذي تعبدوا به، هو: الكفر بالطاغوت، لا تحكيمه {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [سورة البقرة آية: ٥٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>