وبناء على هذا، قرأت نظام العمل والعمال، فوجدته أفظع مما قيل فيه، وأعظم مما كنت أسمع عنه ; فمما جاء منه: أن الأجر يدفع للعامل في حالة الإقعاد الجزئي الدائم، مبلغ ١٨٠٠٠ للعامل درجة أولى، و١٢٠٠٠ للعامل درجة ثانية، و ٨٠٠٠ للعامل درجة ثالثة، وذلك مقابل فقدان البصر كليا، أو فقدان العينين معا. وهكذا درج على هذا المنوال، في حين أن هذا باطل، لعدة وجوه منها: أن الأجر لا يلزمه شيء لم يلتزم به، ولم يقع بسببه، ولا بإهماله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه" ١.
ثانيا: تدل هذه المادة أنه لو تعدى على العامل أحد من العمال، لزم المؤجر تلك الغرامة، في حين أن الشرع والعقل يلزم بذلك الجاني، فهو الذي يلزمه بذل أرش تلك الجناية الصادرة منه. ثالثا: هذه التفرقة، وتقسيم العمال إلى ثلاث درجات، تقسيم في غير محله، فمن هو المبين أن هذا العامل من الدرجة الأولى، والآخر من الثانية، أو الثالثة، فقد يكون عند هذا من العمل ما ليس عند الآخر; وبكل حال هذا التفريق باطل، تأباه الشريعة السمحة، وينكره العقل السليم.