ويحق الفخر لمن تمسك به، وعمل بأحكامه، وكنت قبل اطلاعي عليه أسمع شيئا مما يتناقله الناس عنه، غير أني لا أصدق ولا أكذب بكل ما أسمع عنه. ولما اطلعت عليه وجدته فوقع ما أسمع، وأفظع مما يقال فيه، ورأيت أنه متحتم علي أن أبين ما علمته فيه من الأخطاء، على وجه النصيحة وبراءة الذمة، ورتبته على مقدمة، فملاحظة عامة، فبيان ما في كل فقرة من الأخطاء على وجه التفصيل. والله المسؤول أن يمن علينا بحسن القصد، والاتباع لهدى نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع مجيب.
المقدمة
قد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى البشر، رحمة منه وإحسانا، ليخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم. وكانت العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم في جاهلية جهلاء، وشقاء لا بعده شقاء؛ يعبدون الأصنام، ويئدون البنات، ويسفكون الدماء بأدنى سبب، وبلا سبب، في ضيق من العيش، وفي نكد وجهد من الحياة، يعيشون عيشة الوحوش، ومع الوحوش، يتحاكمون إلى الكهان والطواغيت.