وقد سمع رحمه الله تعالى الحديث والفقه، من جماعة بالبصرة كثيرين، وطالت إقامته بها. وقرأ بها كثيرا من كتب الحديث والفقه والعربية، وكتب من الحديث والفقه واللغة ما شاء الله في تلك الأوقات.
بلغ في العلوم العقلية والنقلية مبلغا صار بذلك أعجوبة العالم. وكان يدعو إلى التوحيد ويظهره لكثير ممن يخالطه ويجالسه، ويستدل عليه بالكتاب والسنة، ويقول: الدعوة كلها لله، لا يجوز صرف شيء منها لسواه.
وربما ذكروا بمجلسه إشارات الطواغيت، أو شيئا من كرامات الصالحين الذين كانوا يدعونهم، ويستغيثون بهم، ويلجؤون إليهم في الملمات فينهى عن ذلك ويزجر، ويورد الأدلة ويحذر، ويخبر أن محبة الأولياء والصالحين إنما هي متابعتهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين القويم.
ثم خرج منها إلى نجد قاصدا الحج، فحج؛ وقد تبين له بما فتح الله عليه، ضلال من ضل في كل قطر وناحية، فلما قضى الحج وقف بالملتزم، وسأل الله عز وجل أن يظهر هذا الدين بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس.
فخرج قاصدا المدينة، وحضر عند العلماء إذ ذاك، منهم حياة السندي وغيره، وكتب الهدي والبخاري، وحضر