للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلانِيُّ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ , وَأَنَا أَسْمَعُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُنَيْدِيُّ الْمُقْرِئُ الْعَسْقَلانِيُّ , فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانِ بْنِ شَدَّادٍ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ , وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ بِعَسْقَلانَ , سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بَكْرٍ السَّكْسَكِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ , عَن أَبِي ذَرٍّ , قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ , فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , جَالِسٌ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ , فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا ذَرٍّ , لِكُلِّ شَيْءٍ تَحِيَّةٌ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ , فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا» , فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهُمَا , ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَمْشِي فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ , فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي أَمَرْتَنِي بِالصَّلاةِ , فَمَا الصَّلاةُ؟ قَالَ: «خَيْرٌ مَوْضُوعٌ اسْتُكْثِرَ أَوِ اسْتُقِلَّ» , قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ» , قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُهُمْ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّلاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ , قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرُ» .

قَالَ: قُلْتُ: وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «فَرْضٌ مُجْزِئٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ» , قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ مُسِرٍّ بِهِ إِلَى فَقِيرٍ» , قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَغْلاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ» , قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَعْظَمُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ يَا أَبَا ذَرٍّ , مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَبِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , فَكَمِ الأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا» .

قُلْتُ: فَكَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «ثَلاثُمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ، جَمٌّ غَفِيرٌ» .

قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ أَوَّلَهُمْ؟ قَالَ: «آدَمُ» .

قَالَ: قُلْتُ: آدَمُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ , وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ثُمَّ سَوَّاهُ قُبْلا.

يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سِرْيَانِيُّونَ: آدَمُ وَشِيثُ وَخنوخُ , وَهُوَ إِدْرِيسُ , وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ , وَنُوحٌ , وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَنَبِيُّكُمْ «.

يَعْنِي نَفْسَهُ ,» وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ كُوثاريَا، وَسَائِرُهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ , فَأَوَّلُ الأَنْبِيَاءِ آدَمُ , وَآخِرُهُمْ أَنَا , وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى , وَآخِرُهُمْ عِيسَى ".

قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَمْ كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ؟ , قَالَ: «مِائَةَ كِتَابٍ , وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ , أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى شِيثَ ابْنِ آدَمَ خَمْسِينَ صَحِيفَةً , وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى خنوخَ، وَهُوَ إِدْرِيسُ، ثَلاثِينَ صَحِيفَةً , وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ , وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى مِنْ قَبْلِ التَّوْرَاةِ عَشْرَ صَحَائِفَ , وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَمَا كَانَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «كَانَتْ أَمْثَالا كُلَّهَا , كَانَ فِيهَا , أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمَغْرُورُ , إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ , وَلَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي لا أَرُدُّهَا , وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ , وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ، سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ , وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِي صُنْعِ اللَّهِ , وَسَاعَةٌ يُحَدِّثُ فِيهَا نَفْسَهُ , وَسَاعَةٌ يَخْلُو بِذِي الْجَلالِ , وَإِنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ عَوْنٌ لَهُ عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ , وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ , أَنْ لا يَكُونَ طَاعِنًا إِلا فِي ثَلاثٍ , تَزَوُّدٍ لِمعَادٍ , وَمَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ , وَلَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ , وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلا عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ , وَمَنْ حَسَبَ الْكَلامَ مِنْ عَمَلِهِ يُوشِكُ أَنْ يُقِلَّ الْكَلامَ إِلا فِيمَا يَعْنِيهِ» .

قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , فَمَا كَانَ فِي صُحُفِ مُوسَى , قَالَ: «كَانَتْ عِبَرًا كُلَّهَا , كَانَ فِيهَا عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ هُوَ يَفْرَحُ , وَعَجَبًا لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا وَهُوَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا , وَعَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ , وَعَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا , ثُمَّ هُوَ لا يَعْمَلُ» .

قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي هَلْ بَقِيَ مِمَّا كَانَ فِي صُحُفِهِمَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا ذَرٍّ اقْرَأْ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى {١٤} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {١٥} بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {١٦} وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {١٧} } [الأعلى: ١٤-١٧] يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الأَرْبَعِ آيَاتٍ فِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ ومُوسَى , قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَوْصِنِي , قَالَ: " أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ , فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ كُلِّهِ.

قَالَ: قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ , بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا , فَإِنَّهُ يَذْكُرُكَ فِي السَّمَاءِ» .

قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهَا رَهْبَانِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ , فَإِنَّهَا مَطْرَدَةُ الشَّيْطَانِ , وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى دِينِكَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي قَالَ: «إِيَّاكَ وَزِيَادَةَ الضَّحِكِ , فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ , وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ» , قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «حِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ» , قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِي دِينِكَ فَاقْتَدِ بِهِ» .

قُلْتُ: زِدْنِي قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا» .

قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «لا تَأْخُذُكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ» .

قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «صِلْ رَحِمَكَ , وَإِنْ قَطَعُوكَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي , قَالَ: «لِيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِكَ , وَكَفَى بِالْعَبْدِ عَيْبًا أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ , وَيَتَكَلَّفُ مَا لا يَعْنِيهِ , يَا أَبَا ذَرٍّ لا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ , وَلا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ»

<<  <   >  >>