٣ - قَرَأْتُ عَلَى الإِمَامِ أَبِي سَالِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , بِحَلَبَ أَخْبَرَكَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ، بِنَيْسَابُورَ , وَإِجَازَةً أبا الطوسي عاما , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفُرَاوِيُّ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ الزَّاهِدُ , أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ , أنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي , ثنا حَفْصُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ , ثنا شُعْبَةُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ , عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ , عَلَى الْمُوَافَقَةِ، وَفِي لَفْظِهِ: يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَكَ» .
وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ، عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ
أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ لِنَفْسِهِ بِدِمَشْقَ
وَلَمْيَاءُ يُصْبِي حُسْنُهَا كُلَّ نَاسِكٍ ... وَيُنْسِيهِ أَوْرَادَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ
نَعِمْتُ بِهَا وَالْعُمْرُ فِي عُنْفُوَانِهِ ... بِشَرْخٍ شَبَابُ فُؤَادِهِ حَالِكُ الْبَرْدِ
وَكَانَ بِهَا ضِعْفُ الَّذِي بِي مِنَ الْهَوَى ... وَقَدْ وَجَدَتْ أَرْوَاحُنَا لَذَّةَ الْوَجْدِ
وإِنِّي إِنْ بَدَا فِي لَيْلِ فُؤَادِي أَنْجُمُ ... مِنَ الشَّيْبِ أَبْدَتْ نبوة الْخَلقِ الْجَعْدِ
فَكَانَ عِذَارِي عِنْدَهَا عُذْرَ وَصْلِهَا ... فَشِبْتُ فَأَضْحَى الْعُذْرُ فِي صَدِّهَا عِنْدِي
فَاعْجَبْ بِأَمْرٍ كَانَ دَاعِيَةَ الْهَوَى ... زَمَانًا فَأَضْحَى وَهُوَ دَاعِيَةُ الصَّدِّ
هَذَانِ الْبَيْتَانِ الآخِرَانِ لِغَيْرِهِ ذَكَرَهُمَا تَضْمِينًا، وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ فِي الْمُنَجِّمِ
إِذَا حَكَمَ الْمُنَجِّمُ فِي الْقَضَايَا ... بِحُكْمٍ جَازِمٍ فَارْدُدْ عَلَيْهِ
فَلَيْسَ بِعَالِمٍ مَا اللَّهُ قَاضٍ ... فَقَلِّدْنِي وَلا تَرْكُنْ إِلَيْهِ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ فِي الْمَعْنَى
لا تَرْكُنَنَّ إِلَى مَقَالِ مُنَجِّمٍ ... وَكِلِ الأُمُورَ إِلَى الإِلَهِ وَسَلِّمِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إِنْ جَعَلْتَ لِكَوْكَبٍ ... تَدْبِيرًا فَلَسْتَ بِمُسْلِمِ
وَمَا أَنْشَدَ أَيْضًا وَلِي مِنْهُ إِجَازَةٌ
فَمَا الزُّهْدُ فِي دُنْيَا رَمَتْكَ بِصَدِّهَا ... وَإِعْرَاضِهَا إِلا مُغَالَطَةُ الْعَقْلِ
وَلَكِنْ إِذَا أَلْقَتْ إِلَيْكَ زِمَامَهَا ... فَزُهْدُكَ فِيهَا شَاهِدٌ لَكَ بِالْفَضْلِ
رَحَلَ هَذَا الشَّيْخُ إِلَى خُرَاسَانَ فِي طَلَبِ الْفِقْهِ، وَالْعِلْمِ وَسَمِعَ بِشاذياخَ بِنَيْسَابُورَ صَحِيحَ مُسْلِمٍ مِنَ الْمُؤَيَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيِّ , عَنِ الْفُرَاوِيِّ بِسَنَدِهِ الْمَشْهُورِ , وَسَمِعَ مِنْهُ أَيْضًا كِتَابَ الْوَسِيطِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، لأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيِّ , وَقَدْ قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ بِحَلَبَ بِسَمَاعِ الْمُؤَيَّدِ مِنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُوَارِيِّ الْبَيْهَقِيِّ , عَنِ الْوَاحِدِيِّ , وَسَمِعَ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ , وَكَانَ إِمَامًا عَالِمًا بِالْفِقْهِ، وَالأُصُولِ وَالْخِلافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , مُفْتِيًا عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ , رَحِمَهُ اللَّهُ، مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالسُّوقَةِ , وَلِيَ الْوِزَارَةَ بِدِمَشْقَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ , ثُمَّ تَرَكَهَا وَخَرَجَ عَنْ مَرْكُوبِهِ وَمَلْبُوسِهِ , وَزَهِدَ فِي الدُّنْيَا، وَرَغِبَ فِي الآخِرَةِ , وَانْقَطَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى عِبَادَتِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِحَلَبَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ , وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِالْمَقَابِرِ ظَاهِرَ بَابِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِالْعُمَرِيَّةِ مِنْ قُرَى نَصِيبِينَ الْحريره يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ