للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(٦ / ٥٩) تحت عنوان " هدم كنائسهم وهل يضربوا بناقوسهم " هذا الأثر عن عمه وهب بن نافع بلفظ: " كتب عمر بن عبد العزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين، قال: فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدت على كتاب عمر وهدم عروة إياها فهدمها ". ولا يناقض هذا ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن حفص بن غياث عن أبي بن عبد الله النخعي قال: جاءنا كتاب عمر: " لا تهدم بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار صولحوا عليه " (١) ؛ لأن قوله: " صولحوا عليه " قيد لا بد منه (٢) ؛ لأنه لم يقل أحد بإبقائها من غير صلح ولم يقل فيه ببلاد الإسلام فهو عام، والذي تقدم - أي كتابة عمر بن عبد العزيز على عروة بن محمد بهدمها - خاص ببلاد الإسلام ويكون هذا - أي قول عمر في رواية ابن عبد الله النخعي: " لا تهدم بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار صولحوا عليه " في بلاد المجوس ولذلك ذكر فيه بيت النار أو في بلادهم وبلاد النصارى التي صولحوا عنها وكانوا منفردين فيها فلا تنافي بين الروايتين اللتين نقلتا عن عمر


(١) عزاه إلى ابن أبي شيبة بالسند المذكور السبكي في فتواه في منع ترميم الكنائس، ورواه أبو عبيد في باب " ما يجوز لأهل الذمة أن يحدثوا في أرض العنوة " إلخ. قال ص ٩٥: وحدثنا حفص بن غياث عن أبي بن عبد الله قال: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز: " لا تهدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ولا تحدثوا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ولا تحدوا شفرة على رأس بهيمة ولا تجمعوا بين صلاتين إلا من عذر) اهـ.
(٢) مما يشهد لكونه قيدا لا بد منه ما ورد في رواية عبد الرزاق في مصنفه (٦ / ٦١) عن معمر بن عمرو بن ميمون أنه قال: " واستشارني عمر - أي ابن عبد العزيز- في هدم كنائسهم - أي نصارى الشام- فقلت: لا تهدم هذا ما صولحوا عليه، فتركها عمر " اهـ. وكذلك ما رواه أبو عبيد في باب أهل الصلح يتركون على ما كانوا عليه قبل ذلك من أمورهم، من كتاب الأموال ص ١٥٢ قال: " حدثني نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة، وكان فلان - سمى رجل من الأمراء - أقطعه إياها، فقال عمر: إن كانت من الخمس عشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل لك إليها. وقال ضمرة عن علي بن أبي حملة: خاصمنا عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان فلان قطعها لبني نصر بدمشق، فأخرجنا عمر بن عبد العزيز منها وردها إلى النصارى، فلما ولي يزيد بن عبد الملك ردها على بني نصر وأخرج منها النصارى ".

<<  <   >  >>