للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من الآثار قال ص ٣٨٨: " وقول أبي حنيفة بإبقائها في القرى بعيد لا دليل عليه، ولعله أخذه من مفهوم قول ابن عباس الذي سنحكيه في المصر، ونحن نقول: إنما يعني بالمصر أي موضع كان مدينة أو قرية " اهـ. وقد وفى السبكي بوعده أن يأتي بقول ابن عباس الذي أشار إليه حيث قال (٢ ٣٩١) من الفتاوى: " وأما قول ابن عباس فاشتهر اشتهارا كثيرا سنذكره، وهو ما رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة قال: قيل لابن عباس: أللعجم أن يحدثوا في أمصار المسلمين بناء أو بيعة، فقال: أما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بناء - أو قال بيعة - ولا يضربوا فيه ناقوسا، ولا يشربوا فيه خمرا، ولا يتخذوا فيه خنزيرا أو يدخلوا فيه. وأما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوا - يعني عليهم - فللعجم ما في عهدهم، وللعجم على العرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم " قال السبكي: " وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر وسكوت بقية الصحابة إجماعا " اهـ.

وأما أصحاب مالك فقال في الجواهر: " إن كانوا في بلدة بناها المسلمون فلا يمكنون من بناء كنيسة، وكذلك لو ملكنا رقبة بلدة من بلادهم قهرا، وليس للإمام أن يقر فيها كنيسة بل يجب نقض كنائسهم بها. أما إذا فتحت صلحا على أن يسكنوها بخراج ورقبة الأبنية للمسلمين وشرطوا إبقاء كنيسة جاز. وأما إن افتتحت على أن تكون رقبة البلد لهم وعليهم خراج ولا تنقض كنائسهم فذلك لهم ثم يمنعون من رمها، قال ابن الماجشون: ويمنعون من رم كنائسهم القديمة إذا رثت إلا أن يكون ذلك شرطا في عقدهم فيوفى لهم، ويمنعون من الزيادة الظاهرة والباطنة. ونقل الشيخ أبو عمر أنهم لا يمنعون من إصلاح ما وهي منها وإنما منعوا من إصلاح كنيسة فيما بين المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُرفع فيكم يهودية ولا نصرانية» فلو صولحوا على أن يتخذوا الكنائس إن شاءوا.

<<  <   >  >>