وأما الحنبلية: فقد قال الخلال في كتاب " أحكام أهل الملل " باب " الحكم فيما أحدثته النصارى مما لم يصالحوا عليه ": أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: كان المتوكل لما حدث من أمر النصارى ما حدث كتب إلى القضاة ببغداد يسألهم أبي حسان الزيادي وغيره، فكتبوا إليه واختلفوا، فلما قرئ عليه قال: اكتب بما أجاب به هؤلاء إلى أحمد بن حنبل ليكتب إلي ما يرى في ذلك.
قال عبد الله: ولم يكن في أولئك الذين كتبوا أحد يحتج بالحديث إلا أبا حسان الزيادي، واحتج بأحاديث عن الواقدي، فلما قرئ على أبي عرفه وقال: هذا جواب أبي حسان، وقال: هذه أحاديث ضعاف، فأجابه أبي واحتج بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: ثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا؟ .
فقال:" أيما مصر مصرته العرب. . . " فذكر الحديث (١) قال: وسمعت أبي يقول: ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا فيه بناقوس إلا فيما كان لهم صلحا. وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين على حديث ابن عباس:" أيما مصر مصره المسلمون ".
أخبرنا حمزة بن القاسم وعبد الله بن أحمد بن حنبل وعصمة قالوا: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد الله: " وإذا كانت الكنائس صلحا تركوا على ما صالحوا عليه. فأما العنوة فلا. وليس لهم أن يحدثوا بيعة ولا كنيسة لك تكن، ولا يضربوا
(١) تمامه: " ليس للعجم أن يبنوا فيه ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا. وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم ما في عهدتهم، وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم ". ومن طريق الإمام أحمد بسنده ومتنه ساقه ابن القيم في أحكام أهل الذمة (٢ / ٦٧٤) .