للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلم فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة: مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ومن قبلهم من الصحابة والتابعين - متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك، مجتهدا في ذلك ومتبعا في ذلك لمن يرى ذلك، لم يكن ذلك ظلما منه بل تجب طاعته في ذلك، وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم كانوا ناقضين العهد وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم.

وأما قولهم: إن هذه الكنائس من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإن الخلفاء الراشدين أقروهم عليها فهذا أيضا من الكذب، فإن من المعلوم المتواتر أن القاهرة بنيت بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاثمائة سنة، بنيت بعد بغداد وبعد البصرة والكوفة وواسط، وقد اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمة أن يحدثوا فيه كنيسة، مثل ما فتحه المسلمون صلحا وأبقوا لهم كنائسهم القديمة بعد أن شرط عليهم فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يحدثوا كنيسة في أرض الصلح فكيف في بلاد المسلمين؟!

بل إذا كان لهم كنيسة بأرض العنوة كالعراق ومصر ونحو ذلك، فبنى المسلمون مدينة عليها، فإن لهم أخذ تلك الكنيسة لئلا تترك في مدائن المسلمين كنيسة بعد عهد، فإن في سنن أبي داود بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تصلح قبلتان بأرض ولا جزية على مسلم» . والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها إلا أن يكون لهم عهد فيوفى

<<  <   >  >>