الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين، وإلا فمن كان عارفا ناصحا له أشار عليه بما يوجب نصره وثباته وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه وفتحهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض مغاربها، وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى.
وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل، كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء لما قاموا من ذلك بما قاموا به. وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته، وليس المسلمون محتاجين إليهم ولله الحمد، فقد كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به، فكتب إليه: لا تستعمله، فكتب: إنه لا غنى بنا عنه، فكتب إليه عمر: لا تستعمله، فكتب إليه: إذا لم نوله ضاع المال، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: مات النصراني، والسلام.
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له:«إني لا أستعين بمشرك» ، وكما أن الجند المجاهدين إنما يصلحون إذا كانوا مسلمين مؤمنين، وفي المسلمين كفاية في جميع مصالحهم ولله لحمد.
ودخل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرض عليه حساب العراق فأعجبه ذلك فقال: ادع كاتبك يقرؤه علي، فقال: إنه لا يدخل المسجد، قال: ولم، قال: لأنه نصراني، فضربه عمر رضي الله عنه بالدرة، فلو أصابته لأوجعته ثم قال: لا تعزوهم بعد أن أذلهم الله، ولا تأمنوهم بعد أن خونهم الله، ولا تصدقوهم بعد أن أكذبهم الله.
والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ورسوله