أما الآية الأخرى وهي:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ٨٩] فيقال فيها: المراد بالكتاب القرآن، ولكن سورة النحل التي نزلت فيها هذه الآية أو هذه الجملة سورة مكية، ولم يكن نزل التشريع كله في مكة إنما نزلت أصول التوحيد وما يتصل بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة، وأما الفروع فقد نزلت في المدينة.
فكيف يقال:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ٨٩] بالكتاب في هذه الآية من سورة النحل القرآن، لكن ليس المراد ببيانه لكل شيء بيانه لجميع أحكام الفروع، إنما هو مثل الآية التي قال الله فيها:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف: ٢٥] ؛ إخبارًا عن الريح التي أرسلها الله جل شأنه على عاد قوم هود، أرسل عليهم ريحًا وقال:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف: ٢٥] وهي إنما دمرت قوم هود: