وهذه الصحيفة وفيها جملة أحكام أخرجه البخاري (١١١) ، (١٨٧٠) .
وعلى هذا فقد كان بعض السنَّة مدونًا في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لكن هذا ليس بصفة عامة، حيث إن أغلب السنَّة كان غير مدون، ومن دوَّن فقد دوّن لنفسه، أو لجماعة خاصة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن أذهان أولئك كانت أذهانًا سيَّالة تغنيهم عن التقييد والكتابة، وقد مُنعوا من الكتابة ابتداءً مخافة أن تلتبس السنَّة بالقرآن، وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة في كتاب العلم في صحيح البخاري (١) وغيره من دواوين
(١) انظر: كتاب العلم في البخاري، باب كتابة العلم (١ / ٢٤٦) ، فتح الباري. وقد ذكر البخاري أحاديث تدل على إذن النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الأحاديث عنه كحديث أبي هريرة (ما من أصحاب النبي أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب) . قال الحافظ في الفتح (١ / ٢٥١) في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن " والجمع بينهما أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد، والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربهما مع أنه لا ينافيها، وقيل: النهي خاص لمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ والإذن لمن أمن من ذلك.