للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترك العناية بها في وقت كانت مشاهد الأموات تزدان بالحرير والسجاد الفاخر وغيرها (١) .

ورغم ذلك وجد من علماء اليمن في القرن الثاني عشر الهجري من يحارب مثل هذه الضلالات، ويتخذ منها موقفا معاديا، ولعل من أشهر أولئك العلماء: الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير (١٠٩٩ - ١١٨٢ هـ) ، والشيخ حسين بن مهدي النعمي (١١٨٧ هـ) ، إذ برز موقف الأمير جليا تجاه هذه الأمور المحدثة منذ عام ١١٦١ هـ \ ١٧٤٨ م حينما أرشد إمام اليمن حينذاك إلى هدم صنم المخا، وألف من أجله رسالة (٢) وقد قال فيه صديق بن حسن القنوجي بأن " له صولة في الصدع بالحق، واتباع السنة، وترك البدع " (٣) أما النعمي فقد اشتهر برفضه لهذه المعتقدات الباطلة منذ ألف في هذا الجانب وكتب فيه (٤) .

وربما كان نشوء هذين الموقفين عند النعمي والأمير بسبب تأثرهما بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبخاصة إذا أدرك موقف محمد بن إسماعيل الأمير من هذه الدعوة حينما قال: " ما زالت تبلغنا الأخبار من سنة ١١٦٠ هـ بأنه ظهر في نجد رجل يدعو إلى اتباع السنة النبوية وينهى عن الابتداع، والاعتقاد في العباد من الأحياء والأموات، وينهى عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمارة على القبور المشاهد والقباب (٥) "، كذلك يدل على تأثر حسين بن مهدي النعمي بالدعوة السلفية قوله بأن سبب تأليفه لكتابه معارج الألباب يعود إلى أنه وقف في عام (١١٧٧ هـ \ ١٧٦٣ م) على سؤال حول هدم بعض المشاهد والقباب، وأنه كان من قبل هذا التاريخ قد ألقي إليه كتاب من مكة المكرمة ورد فيه: " أنه وصل إلى هنالك سؤال


(١) حسين مهدي النعمي، كتابه السابق، ص (١٦٥) .
(٢) محمد محمد زبارة، نشر العرف، ج٢، ص٩١٥، انظر: كتاب تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد للأمير نفسه، وقد قال في مقدمة هذا الكتاب: " وبعد فهذا تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد، وجب علي تأليفه لما رأيته وعلمته يقينا من عموم اتخاذ العباد الأنداد في جميع الأمصار والقرى، وجميع البلاد من اليمن والشام ونجد وتهامة وجميع ديار الإسلام، وهو الاعتقاد في القبور، أو في الأحياء ممن يدعي العلم بالمغيبات والمكاشفات. " ورقة ١٩٩.
(٣) أبجد العلوم، ص (١٩٢) .
(٤) انظر: كتابه معارج الألباب، ورسالته مدارج العبور على مفاسد الأمور.
(٥) إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبد الوهاب، ورقة ٣٩٣.

<<  <   >  >>