للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفاعلهم معه، بل إن بعض الأساليب تمثل خروقا لقدسية الخطبة من خلال تعمد الإتيان بقصص، أو مواقف مضحكة، لا يملك المستمع إلا الضحك معها.

فخطبة الجمعة عبادة لها أركانها، وشروطها، وواجباتها، وسننها، وآدابها، فليس هناك مساحة للاجتهاد في هذه العبادة، ولا تشبه بباقي الخطب؛ وذلك لخصوصيتها الشرعية.

[الأسلوب الأمثل للمحاضرات]

الأسلوب الأمثل للمحاضرات: وفي المقابل نجد في مناشط الدروس العلمية والمحاضرات العامة ظواهر من جهة الأسلوب الإلقائي، من هذه انتشار ظاهرة رفع الصوت رفعا كبيرا، حتى إن المار وهو يسمع صوت الملقي ليظن أنه يخطب للجمعة، أو أنه منذر جيش، ومعلوم أن الدرس العلمي والمحاضرة العامة قائمتان على التفهيم والتفصيل والبسط، ويحتاجان من الملقي إلى: هدوء تام، وخفض صوت بالقدر الذي يمكن أن يصل إلى المستمع، وقد يحتاج الملقي إلى تكرار الكلام ثلاثا للتفهيم كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

«فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه. وقالت: كان يحدثنا لو عده العاد لأحصاه. وقالت: إنه لم يكن يسرد الحديث كسردكم» (١) .

وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه فإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم ثلاثًا» (٢) .

أما رفع الصوت بهذه الطريقة فليس من المنهج الشرعي ولا الطبعي في الدروس العلمية ولا المحاضرات العامة، ولا يمكن أن يخرج المتلقي بفائدة وهو يتلقى بهذه الطريقة التي لم يكن مهيأ لها نفسيا وبدنيا بسبب


(١) أخرجه: البخاري (٦ / ٥٦٧) ، ومسلم (١٨ / ١٢٩) .
(٢) أخرجه: البخاري (١ / ١٨٨) .

<<  <   >  >>