للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيلسوف آخر "ريتشاردز": وذهب "ريتشارد" إلى أن الجمال يكون في الفن وآثاره، حيث يجعل مصدر المتعة اللذة الناشئة من تنسيق الأعمال الفنية لدوافعنا الداخلية المتصارعة والمتناقضة. كما تحدث هذا الفيلسوف عن صلة الجمال الفني بالمجتمع والواقع، فبعضهم ذهب إلى أن الجمال الفني مستمد من البيئة والمجتمع، فلا يوجد عمل فني دون بيئة ينشأ فيها، ومجتمع يتنفس فيه، فالفن يصدر عن البيئة والمجتمع صدور الضوء عن الشمس، أو صدور الزهرة عن الشجرة في بيئة معينة.

وهم بذلك يعترفون أن الأصل في نشأة الفنون نفع الجماعة، وسيطرتها على الطبيعة من خلال بث القيم الجمالية والاجتماعية في السلوك، بحيث لا يمكن التفريق بينهما. وعارض فريق من فلاسفة الجمال هذا الرأي، ورأى أن الفن لا يقصد به سوى الإحساس بالجمال، وأن كل ما عدا ذلك يعد قيما طارئة عليه. ويرى أصحاب هذا الرأي أن الناس يطلبون الفن؛ ليبعدهم عن واقعهم وعالمهم اليومي الذي يعيشون فيها. ويرون أيضًا أن الفن يعمل على إبراز شخصيات أصحابه إزاء الجماعة التي يعايشونها رغم كيانهم الفردي الذاتي.

والحقيقة، أنه مع التسليم لبعض ما يقوله أصحاب هذا الرأي، فإنه لا يمكن فصل الفن عن المجتمع بحال من الأحوال؛ فإن ذلك لا يتعارض مع اتصاله بالمجتمع، وسيظل الفن يحمل من القيم الجمالية ما يسعد به الناس، ويؤدي رسالة اجتماعية قيمة مع ذلك.

وقد أثيرت قضية مهمة لها علاقة بنظرية الفلسفة الجمالية، وهي قضية الشعر والأخلاق، أو نظرية الفن للفن بمسماها الحديث، وأثيرت عدة أسئلة حول هذه القضية: هل يطلب المتلقي القيم الخليقة والاجتماعية عند تلقيه للشعر مثلًا كفن

<<  <   >  >>