أيام العرب وأنسابهم والحروب ومدارها، كما تحدث عن السلطان والخلفاء في المشرق والمغرب، وشيء من أخبارهم.
وتناول ابن عبد ربه في كتابه أيضًا الجانب الاجتماعي، فعقد كتاب الزبرجدة الثانية للحديث عن طبائع الإنسان والحيوان، تحدث عن النفس والدار واللباس والتزين والتطيب، ثم ذكر أنواعًا من الحيوان وصفاتها، وفي كتاب الفريدة الثانية تحدث عن الطعام والشراب، وما يتعلق بهما من آداب، وتحدث عن بعض ألوان التسلية والترفيه؛ حتى لا يمل القارئ كما ذكر.
ورغم أن المؤلف لم يترك جانبًا إلا وأشار إليه في كتابه، نجد أن السمة الأدبية سيطرت عليه من أوله لآخره في عرض المادة العلمية، بأسلوب أدبي جيد، والاستشهاد في كل موقف بما يستجاد من الأدب، فصاحبه أديب بارع، ومما يؤكد أهمية الكتاب أيضًا إشادة العلماء به، ونقلهم عنه حين تأليفهم، كالأبشيهي في (المستطرف)، والبغدادي في (خزانة الأدب)، وابن خلدون في (المقدمة)، والقلقشندي في (صبح الأعشى) وغيرهم.
وفي نهاية الحديث عن كتاب (العقد الفريد) تجدر الإشارة إلى أن ابن عبد ربه قد تأثر بالمشارقة في موسوعته؛ بدليل قول الصاحب بن عباد فيه عندما وصل إليه الكتاب وقرأه، قال الصاحب:"هذه بضاعتنا ردت إلينا"، كما يدل على تأثره أيضًا أخذ كثيرًا من أقسام كتاب (عيون الأخبار) لابن قتيبة، وجعلها أبوابًا عنده. مثل: كتاب السلطان، كتاب الحرب، كتاب السؤدد، كتاب الطبائع، كتاب العلم، وذلك لا يعيب المؤلف ولا الكتاب؛ لأن منافسة الأندلسيين للمشارقة والاعتناء بآدابه وأخباره، ودراستها تعد منهجًا من مناهجهم آنذاك، فهذا التأثر بالمشارقة لا يعيب الكتاب، ولا يعيب صاحبه.