-هذا شيء أحب أن أشير إليه أيضًا- نرى بعض الباحثين يقدم على البحث، ولا فكرة لديه عن المناهج العلمية، يثق في ذكائه والكم المعرفي عنده، ويعتمد في بحثه على التأثر الذاتي التلقائي فحسب، والتحليل الشامل للظاهرة، غير آبه بما وضع من مناهج علمية، تساعد على الوصول إلى الحقيقة، ولا يملك تصورًا لمنهج يسلكه حتى وإن كان مبتكرًا.
كثير من الباحثين يقبلون على بحوثهم بهذا الفكر، لا يملكون تصورًا لمنهج ما، حتى وإن كان من ابتكاره، هذا في الحقيقة غير مقبول على الإطلاق في مجال البحث العلمي، إطلاقًا، فالتأثر التلقائي، والتحليل الشامل المعتمد على التأثر الذاتي، وسائل مشروعة ولازمة في مجال البحث الأدبي، لا ننكرها إطلاقًا، بل لا بد منها، لكنها غير كافية؛ لتحقيق أهداف مفترضة، والوصول إلى معطيات أكثر دقة، إذ لا بد من استخدام أدوات مساعدة، أدوات تساعد بجانب هذا التأثر الذاتي التلقائي، بجانب التحليل الشامل للظاهرة، لا بد من أداة تساعد الباحث.
وأهم هذه الأدوات هي: المنهج الواضح لديه، ثم الإفادة من العلوم الأخرى، وبخاصة علوم اللغة والنحو والفلسفة والتاريخ والأخلاق، وكذا النظريات الحديثة في جميع المجالات العملية والفنية، لا بد أن يستفيد منها الباحث في مجال الأدب والنقد.
ومما تجدر الإشارة إليه أيضًا أن مناهج البحث الأدبي، والعلمي بوجه عام، لا تتصف بالجمود ليست قوالب صماء، لكنها في تطور مستمر؛ نظرًا لتطور آليات البحث العلمي، والنتائج التي يتوصل إليها من خلال ذلك، فهي في الحقيقة ينبغي أن تعدل من حين لآخر، بل وترفض من جيل إلى جيل، إذا ما ثبت عدم صلاحيتها، وعلى الباحث متابعة تلك الحركة المتطورة؛ للتعرف على أحدث