فقد اختلفوا فيه ما بين سنة تسع وستين، وسبعين، وثمان وستين، وتسع وثمانين، وخمس وتسعين، وثمان وتسعين، وست وتسعين ميلاديًّا؛ إذن فليس له تاريخ محدد لتدوين هذا الإنجيل.
أما سبب تدوينه:
إن المتأمل في كتب النصارى ومؤلفاتهم يرى أنهم مجمعون -أو يكادون- على أن سبب تدوين يوحنا لإنجيله هو إثبات ألوهية المسيح التي اختلفوا في شأنها؛ لعدم وجود نص في الأناجيل الثلاثة: متى، ومرقص، ولوقا -بعينها.
ويستنبط من هذا أن الأناجيل الثلاثة الأولى ليس فيها ما يدل على ألوهية المسيح، أو كانت كذاك قبل تدوين الإنجيل الرابع على الأقل، وأن النصارى مكثت أناجيلهم نحو قرن من الزمان ليس فيها نص على ألوهية المسيح.
أيضًا أن الأساقفة اعتنقوا ألوهية المسيح قبل وجود الإنجيل الذي يدل عليه؛ ولما أرادوا أن يحتجوا على خصومهم اتجهوا إلى يوحنا ليكتب لهم إنجيله الذي يشتمل على الحجة، وهذا معناه أن الاعتقاد بألوهية المسيح سابق لوجود نص في الكتب عليه.
والواقع أن لهذا الإنجيل شأنًا أكثر من غيره؛ لأنه الإنجيل الذي صرح بألوهية المسيح وأصبحت عقيدة النصارى وأساس التباين بينها وبين العقائد الأخرى.
فهذه نظرة سريعة وخاطفة حول الأناجيل الأربعة -كما يعتقد كتاب النصارى لا كما يعتقد غيرهم- وهي -كما ترى- مشكوك في أصحابها وفي تدوينها وفي ترجمتها وفي كل شيء فيها، هذا فضلًا عما اشتملت عليه من تناقض واضح وتحريف ظاهر، وسنشير إلى شيء من هذا مجملًا -إن شاء الله تعالى.