أسالت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
حتى أتيت على آخرها، فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل عن مجلسه سروراً، حنى شاطر البيت وهو يقول: هذه والله البتارة، التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعللاني به منذ اليوم، يا غلام، ألف دينار مرموجة. فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير، ثم قال: لك مثلها في كل سنة، قم يا زياد بن ذبيان، فهات الثناء المسجوع. فقام النابغة فقال: ألا انعم صباحاً أيها الملك المبارك، السماء غطاؤك والأرض وطاؤك، ووالدي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سمارك، والحلم دثارك، والسكينة مهادك، والصدق رداؤك، واليمن حذاؤك، والبر فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمهات أمهاتك، وأفخر الشبان أبناؤك، وأعف النساء حلائلك، وأعلى البنيان بنيانك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، قد لازم الردن أوقك، وحالف الإضريج عاتقك، ولاوم المسك مسكك، وقابل الصرف ترائبك، العسجد قواريرك، واللجين صحافك، والشهاد إدامك، والخرطوم شرابك، والأبكار مستراحك، والصبر سواسك، والخير بفنائك، والشر في ساحة أعدائك، والذهب عطاؤك، وألف دينار مرموجة إيتاؤك، والنصر منوط بأبوابك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوك غضبك، وهزم مغايبهم مشهدك، وسار في الناس عدلك، وسكن تباريح البلاء ظفرك، أيفاخرك ابن المنذر اللخمي! فوالله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه،