للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارتحلوا، فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بوضوء فتوضأ، ثم نودى بالصلاة فصلى بالناس. فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع الناس، فقال: ما يمنعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: يا رسول الله، أصابتني الجنابة ولا ماء.

قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك. ثم سار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واشتكى إليه العطش، ثم دعا فلاناً وكان يسميهم أبو رجاء ونسيه عوف ودعا علياً فقال: اذهبا وابغيا الماء. قال: فانطلقنا فتلقينا امرأة بين مزداتين أو سطيحتين، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوف. قال: فقالا: انطلقي. فقالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت: هذا الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فانطلقي، فجاآ بها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحدثاه الحديث. قال: فاستنزلها عن بعيرها، ودعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين، أو السطيحتين، ثم أوكأ أفواههما وأطلق العزالي ثم نادى في الناس أن استقوا واسقوا، قال: فسقى من شاء، واستقى من شاء. قال: وكان آخر ذلك أن أعطى من أصابته الجنابة إناء من ماء. قال: اذهب فأفرغه عليك. قال: والمرأة قائمة تنظر ما يفعل بمائها.

قال: وايم الله لقد أقلع عنها حين أقلع، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملاً منها حين ابتدئ فيها. قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجمعوا لها، فجمع لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة، حتى جمعوا لها زاداً، فجعلوه في ثوب، فحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتعلمين والله إنا ما رزأناك من مائك شيئاً، ولكن الله هو سقانا. قال: فأتت أهلها، وقد احتبست عليهم فقالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، أتاني رجلان فذهبا بي إلى الذي يقال له الصابئ ففعل بمائي كذا وكذا، بالذي قد كان. فوالله إنه لأسحر من بين هذه وهذه بأصبعيها الوسطى والسبابة، ترفعها إلى السماء تعني السماء والأرض، أو أنه لرسول الله حقاً. قال: فكان المسلمون يغيرون على المشركين حولها ولا يصيبون الصرم الذي هي فيه. فقالت تومئ لقومها: ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمداً، هل لكم في الإسلام فأطاعوها، فجاؤوا جميعاً فدخلوا في الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>