للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى زيد بن أرقم بن شعبة وأنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الغار أمر الله شجرة فخرجت في وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تستره، وأن الله بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما، فسترت وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلا يدفان حتى وقعا بين العنكبوت وبين الشجرة. وأقبلت فتيان من قريش، من كل بطن منهم رجل، ومعهم عصيهم وقسيهم وهراوتهم حتى إذا كانوا من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قدر مئتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك بن جعشم المدلحجي: هذا الجحر ثم لا أدري أين وضع رجله؟ فقال الفتيان: أنت لم تخط منذ الليلة حتى أصبحنا فقال: انظروا في الغار، فاستقدم القوم حتى إذا كانوا من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قدر خمسين ذراعاً فإذا الحمامتان فرجع، فقالوا: ما ردك أن تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمعها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرف أن الله تبارك وتعالى درأ عنهما بهما فسمت عليهما وأخذهما إلى الحرم، فأفرخا كما ترى.

وحدث أبو بكر رضي الله عنه قال: جاء رجل من المركز حتى استقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعورته يبول، قال: قلت: يا رسول الله، أليس الرجل يرانا؟ قال: لو رآنا لم يستقبلنا بعورته. يعني: وهما في الغار. وعن قيس بن النعمان قال: لما انطلق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر يستخفيان في الغار مرّا بعبد يرعى غنماً، فاستسقياه من اللبن، فقال: والله ما لي شاة تحلب، غير أن ههنا عتاقاً حملت أوان الشتاء فما بقي لها لبن، وقد افتجت فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ائتنا بها، فدعا عليها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبركة، ثم حلب عشاء، فسقي أبا بكر، ثم حلب آخر فسقى الراعي، ثم حلب فشرب، فقال العبد: بالله من أنت؟ ما رأيت مثلك قط، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو تراك إن أخبرتك تكتم عليّ؟ قال: نعم. قال: إني محمد رسول الله. قال: أنت الذي تزعم قريش أنك صابئ؟ قال: وإنهم ليقولون ذلك. قال: فإني أشهد أنك لرسول الله، وأن ما جئت

<<  <  ج: ص:  >  >>