العنيزة تتمتعون منها، ثم تريد أن تفجعهن بها، فقال: والله لأذبحنها، فذبحها أحسن من اللؤم، قالت: إذا " والله لأبقي لبناتك شيئاً، فأخذ العنز، وأضجعها، وقال: من الرجز
قرينتي لا توقظي بنيه ... إن توقظيها تنتحب عليه
وتنزع الشفرة من يديه ... أبغض بهذا أو بذا إليه
ثم ذبح الشاة، وأضرم نارا، وجعل يقطع من أطايبها ويلقيه على النار، ثم يناوله عبيد الله، ويحدثه في خلال ذلك بما يلهيه ويضحكه، حتى إذا أصبح عبيد الله، وانجلت السحابة، وهم بالرحيل قال لقيمه: ما معك؟ قال: خمسمائة دينار، قال: ألقها إلى الشيخ. قال القيم: جعلت فداك، إن هذا يرضيه عشر ما سميت، وأنت تأتي معاوية، ولا تدري علام توافقه، على ظاهره أم على باطنه. قال: ويحك! إنا نزلنا بهذا وما يملك من الدنيا إلا هذه الشاة، فخرج إلينا من دنياه كلها، وإنما وجدنا له ببعض دنيانا، فهو أجود منا.
ثم ارتحل، فأتى معاوية، فقضى حوائجه، فلما انصرف، وقرب من الأعرابي قال لوكيله: انظر ما حال صاحبنا؟ فعدل إليه، فإذا إبل، وحال حسنة وشاء كثير، فلما بصر الأعرابي بعبيد الله قام إليه، فأكب على أطرافه يقبلها، ثم قال: بأبي وأنت وأمي، قد مدحتك، وما أدري من أي خلق الله أنت. ثم أنشده الشيخ أبياتاً منها:
توسمته لما رأيت مهابة ... عليه وقلت المرء من آل هاشم
وإلا فمن آل المرار فإنهم ... ملوك وأبناء الملوك الأكارم