قال: فقلت: وعبد الرحمن بن عوف؟ قال: نعم المرء ذكرت، ولكنه ضعيف. قال: وأخرت عثمان لكثرت صلاته، وكان أحب النّاس إلى قريش. قال: فقلت: فعثمان؟ قال: أوّه، أوّه، كلف بأقاربه؛ ثم قال: لو استعملته استعمل بني أمية أجمعين أكتعين، ويحمل بني معيط على رقاب النّاس، والله لو فعلت لفعل، والله لو فعل ذلك لسارت إليه العرب حتى تقتله، والله لو فعلت فعل، والله لو فعل لفعلوا، إن هذا الأمر لا يحمله إلاّ اللّين في غير ضعف، والقويّ في غير عنف، والجواد في غير سرف، والممسك في غير بخل. قال: وقال عمر: لا يطيق هذا الأمر إلاّ رجل لا يصانع ولا يضارع ولا يتّبعّ المطامع، ولا يطيق أمر الله إلاّ رجل لا يتكلّم بلسانه كلّه، لا ينتقص عزمه، ويحكم في الحقّ على حزبه.
عن عثمان بن عفان، قال: أنا آخركم عهداً بعمر، دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله بن عمر، فقال له: ضع خدّي بالأرض، لا أمّ لك في الثانية أو في الثّالثة ثم شبك بين رجليه، فسمعته يقول: ويلي وويل أمّي أن لم يغفر الله لي؛ حتى فاظت نفسه.
عن يحيى بن أبي راشد النّصريّ، قال: قال عمر بن الخطّاب لابنه: إذا حضرني الوفاة فاحرفني، واجعل ركبتيك في صلبي، وضع يدك اليمنى على جبيني، ويدك اليسرى على ذقني، فإذا أنا متّ فاغمضني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي، واقصدوا في حفرتي، فإنه إن كان لي عند الله خير أوسع لي فيها مدّ بصري، وإن كنت على غير ذلك ضيّقها عليّ حتى تختلف أضلاعي، ولا تخرج معي امرأة، ولا تزكّوني بما ليس فيّ فإن الله هو أعلم، فإذا خرجتم فأسرعوا بي المشي، فإنه إن كان لي عند الله خير قدّمتموني إلى ما هو خير لي، وإن كنت على غير ذلك ألقيتم عن رقابكم شراً تحملونه.