هارون أمير المؤمنين قد دخل عليك! فمكث طويلاً لا يلتفت إليه ولا ينظر إليه، ثم رفع فضيل رأسه إلى هارون فقال له: يا حسن الوجه، ما أحسن وجهك! لقد قلدت أمراً عظيماً، حدثني عبيد المكتب، عن مجاهد في قوله:" وتقطعت بهم الأسباب " قال: الوصل التي كانت بينهم في الدنيا، وأومى بيده إليهم. قالوا: فبكى هارون وخرج من عنده وحمل إليه تلك الليلة مئة ألف فأبى أن يقبلها.
قال الفضل بن الربيع: حج أمير المؤمنين هارون، فبينا أنا ليلةٌ نائمٌ بمكة إذ سمعت قرع الباب فقلت: من هذا؟ قال: أجب أمير المؤمنين؛ فخرجت مسرعاً فقلت: يا أمير المؤمنين! لو أرسلت إلي أتيتك، قال: ويحك إنه قد حك في نفسي شيء، فانظر لي رجلاً أسأله، فقلت: ها هنا سفيان بن عيينة، فقال: امض بنا إليه، فأتيناه فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعاً فقال: يا أمير المؤمنين! لو أرسلت إلي أتيتك، فقال خذ لما جئنا له رحمك الله، فحادثه ساعةٌ ثم قال: أعليك دين؟ قال: نعم فقال: يا عباسي اقض دينه.
ثم انصرفنا فقال: ما أغنى صاحبك شيئاً، فانظر لي رجلاً أسأله، فقلت: ها هنا عبد الرزاق بن همام، فقال: امض بنا إليه، فأتيناه فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعاً فقال: يا أمير المؤمنين! لو أرسلت إلي أتيتك، فقال: خذ لما جئناك رحمك الله، فحادثه ساعةٌ ثم قال: أعليك دين؟ قال: نعم قال: يا عباسي اقض دينه.
ثم انصرفنا فقال: ما أغنى صاحبك شيئاً، انظر لي رجلاً، فقلت: ها هنا الفضيل بن عياض، فقال: امض بنا إليه، فأتيناه، فإذا هو قائم يصلي، يتلو آية يرددها، فقال لي: اقرع، فقرعت فقال: من هذا؟ فقلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: مالي ولأمير المؤمنين! فقلت: سبحان الله! أو ما عليك طاعة؟ أو ليس قد روي عن