للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيسلبني ثراء المال ربي ... وأطلب ذاك من كفٍّ جماد

زعمت إذاً بأن الجود أمسى ... له ربٌّ سوى ابن أبي داود

قال ابن الأعرابي: سأل رجلٌ قاضي القضاة أحمد بن أبي داود أن يحمله على عير فقال: يا غلام، أعطه عيراً وبغلاً وبرذوناً وفرساً وجارية ثم قال: أما والله لو عرفت مركوباً غير هذا لأعطيتك.

قال أبو العيناء: ما رأيت في الدنيا أحداً أحرص على أدب من ابن أبي داود، ولا أقوم على أدب منه، وذلك أني ما خرجت من عنده يوماً قط فقال: يا غلام خذ بيده، بل كان يقول: يا غلام اخرج معه، فكنت أنتقد هذه الكلمة عليه، فلا يخل بها ولا أسمعها من غيره.

قال عون بن محمد الكندي:

عهدي بالكرخ ببغداد وإن رجلاً لو قال: ابن أبي داود مسلم قتل في مكانه، ثم وقع الحريق في الكرخ وهو الذي ما كان مثله قط، فكلم ابن أبي داود المعتصم في الناس وقال: يا أمير المؤمنين، رعيتك في بلد آبائك ودار ملكهم نزل بهم هذا الأمر فاعطف عليهم بشيء يفرق فيهم يمسك أرماقهم ويبنون به ما انهدم عليهم، ويصلحون به أحوالهم، فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم فقال: يا أمير المؤمنين، إن فرقها عليهم غيري خفت ألا تقسم بالسوية فائذن لي في تولي أمرها ليكون الأجر أكبر والثناء أوفر. قال: ذلك إليك، فقسمها على مقادير الناس وما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط واحتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم. وغرم من ماله في ذلك غرماً كبيراً، فكانت هذه من فضائله التي لم يكن لأحد مثلها.

قال عون: فلعهدي بالكرخ بعد ذلك وإن إنساناً لو قال: زر ابن أبي داود وسخ لقتل.

حدث علي بن الحسين الاسكافي قال: اعتل أحمد بن أبي داود فعاده المعتصم فقام فتلقاه وقال له: قد شفاني الله بالنظر إلى أمير المؤمنين، فدعا له بالعافية وقال له: إني نذرت إن عافاك الله أن أتصدق بعشرة آلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>