للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الأشهل ألا ترون إلى حليفكم ما صنع " قالوا: وما صنع يا رسول الله؟ فأخبرهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخبر فقال: " اكفونيه يا بني عبد الأشهل، فإن الله عز وجل قد أمرني بقتله فاقتلوه " قالوا: يا رسول الله نفعل ونطيع أمرك، فإن فيهم أخاه من الرضاعة ومولاه في الحلف دوننا محمد بن مسلمة وهو لهم غير متهم؛ ففعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، فانطلق خمسة رهطٍ: ثلاثةٌ من بني عبد الأشهل أحدهم عمرو بن معاذ أخو سعد بن معاذ، ومن بني حارثة بن الحارث رجلان محمد بن مسلمة وأبو عبس بن جبر، قالوا: يا رسول الله ائذن لنا فلننل منك عند الرجل؛ فأذن لهم، فانطلقوا ليلاً وقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الصلاة فأتوا كعباً وقد أخذ مضجعه فنادوه: يا أبا الأشرف، فسمع كعبٌ الصوت فوثب وأخذت امرأته بجانب ثوبه فقالت: إني لأرى حمرة الدم من هذا الصوت قبل أن يكون، إنه لصوتٌ مريبٌ؛ وأمر محمد بن مسلمة أصحابه فاختبأوا، فضرب كعبٌ يد امرأته فأرسلته، وقال لها: لو دعي ابن حرةٍ لطعنةٍ بليلٍ أجاب؛ فأشرف فنظر فقال: من هذا؟ فقال: أخوك محمد بن مسلمة؛ قال لامرأته: لا تخافي هو أخي محمد بن مسلمة فقال كعب ورحب به: ما حاجتك يا أخي؟ قال: أخذنا هذا الرجل بالصدقة ولا نجد ما نأكل فجئت لتقرضني وسقاً من تمرٍ وأرهنك به رهناً إلى أن يدرك ثمرنا؛ فضحك كعبٌ وقال: أم والله إن كنت لأعلم أن أمرك وأمر أصحابه سيصير إلى ما أرى، وما كنت أحب أن أراه، ولقد كنت تعلم يا محمد أنك كنت من أكرم أهل البلد علي وأحبهم إلي، ولقد كان الذي كان من أمرك وما على الأرض شيءٌ كنت أمنعكه، فأما إذ فعلت الذي فعلت فلست مصيباً عندي خيراً أبداً، ما دمت على الذي أنت عليه، ولقد علمت أنك لن تصيب من هذا الرجل أبداً إلا شراً فأتني برهنٍ وثيقٍ؛ قال: فخذ من أي تمرٍ شئت؛ قال: عندي عجوةٌ يغيب فيها الضرس؛ قال: أي الرهن تريد يا أبا الأشرف؟ قال: تأتيني بامرأتك قال: لم أكن لأرهنك امرأتي وأنت أشب أهل المدينة وأحسنهم وجهاً وأطيبهم ريحاً وأكرمهم حسباً، فتدركني الغيرة، ولكن غير هذا؛ قال: فارهني ابنك قال محمد: إني لأستحيي أن أعير بذلك، أني رهنت ابني بوسقٍ من تمر، ولكن أرهنك درعي الفلانية؛ قال: أين هي؟ قال: هي هذه انزل فخذها؛ فنزل؛ وكان محمد قال لأصحابه: لا يأتي منكم أحدٌ حتى أؤذنه؛ فنزل كعب

<<  <  ج: ص:  >  >>