إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب، ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد، فخرجت نحو المشرق.
فبينا هي تمشي إذ فجئها المخاض؛ فنظرت هل تجد شيئاً تستتر به؟ فلم تر إلا جذع النخلة؛ فقالت: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري، فانضمت إلى النخلة، فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجداً لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم يجد شيئاً ينكره، وأتى المشرق فلم يجد شيئاً ينكره، ودخل الأرض فلم يجد شيئاً ينكره، وجعل لا يصبر، فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئاً ينكره، وجعل لا يصبر، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة، فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته، وإذا الملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة، فقال: هاهنا حدث الأمر، فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي أحدث؟ فكلمته الملائكة فقالوا: هذا نبي ولد بغير ذكر، قال: نبي ولد بغير ذكر؟ قالوا: نعم. قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به، وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله.
قال: وناداها ملك من تحتها " قد جعل ربك تحتك سرياً "، والسري هو النهر بكلام أهل اليمن.
قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي، ولا وضعته إلا على كفي، ليس هذا الغلام، لم أعلم به حين حملته أمه، ولم أعلم به حين وضعته.
قال: وكان دعاء زكريا ربه لثلاث ليال بقين من المحرم، قام زكريا فاغتسل، ثم ابتهل بالدعاء إلى الله. قال: يا رازق مريم ثمار الصيف في الشتاء، وثمار الشتاء في الصيف، " هب لي من لدنك " يعني من عندك " ذرية طيبة " يعني تقياً، فأخبر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقصة عبده زكريا، ودعائه ربه، وإجابة الله عز وجل وتخننه