ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً، فأشارت إليه " أن كلموه " قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً " والمهد حجرها، فنزع فمه من ثديها وجلس واتكأ على يساره، فقال: " إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً، وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً " حتى بلغ " فاختلف الأحزاب " والأحزاب: الناس.
وفي حديث: أن مريم خرجت إلى جانب المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذا هي برجل معها، وهو قوله " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً " وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، ففزعت منه و" قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً "، فخرجت وعليها جلبابها، فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها، وكان مشقوقاً من قدامها، فدخلت النفخة صدرها، فحملت.
فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة لتزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى؟ قالت مريم: أشعرت أيضاً أني حبلى؟ قالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني سجد للذي في بطنك، فذلك قوله: " مصدقاً بكلمة من الله " وذكرت القصة.
وعن ابن عباس: في قوله: " وبراً بوالديه " قال: كان لا يعصيهما، " ولم يكن جباراً " قال: لم يكن قتال النفس التي حرم الله قتلها " عصياً " يعني لم يكن عاصياً لربه، "