فلما ضاقت بهم سوق ثمانين تحولها إلى بال فبنوها. وهي بين الفرات والصراة، وكانت اثني عشر فرسخاً في اثني عشر فرسخاً، وكان بابها موضع دوران الماء فوق جسر الكوفة يسرة إذا غربت.
فكثروا بها حتى بلغوا مئة ألف، وهم على الإسلام.
ولما خرج نوح من السفينة دفن آدم ببيت المقدس، ومات نوح عليه السلام.
قالوا: وكان نوح يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته، يرون أنه قد مات، ثم يخرج فيدعوهم حتى إذا أيس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصاً، فقال: يا بني، انظر هذا الشيخ لا يغرنك، قال: يا أبه، أمكني من العصا، فأخذ العصا، ثم قال: ضعني في الأرض، فوضعه فمشى إليه بالعصا، فضربه فشجه شجة موضحة، وسالت الدماء.
قال نوح: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك، فإن يكن في عبادك حاجة فاهدهم، وإن يكن غير ذلك فصيرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين، فأوحى الله إليه، وأيأسه من إيمان قومه، وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن، قال: يا نوح، " أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " يعني لا تحزن عليهم. " واصنع الفلك بأعيننا " قال: يا رب، وما الفلك؟ قال: بيت من خشب يجري على وجه الماء فأعرق أهل معصيتي، وأطهر أرضي منهم. قال: يا رب، وأين الماء؟ قال: يا نوح، إني على ما أشاء قدير، قال: يا رب، وأين الخشب؟ قال: اغرس الشجر.